مشكلة العنف في المجتمع السعودي

مشكلة العنف في المجتمع السعودي
مشكلة العنف في المجتمع السعودي
بسم الله الرحمن الرحيم 
في ندوة " الوفاء " الثقافية : 
الأستاذ الدكتور / عبدالله بن سعد الجاسر يحاضر عن : 
(( مشكلة العنف في المجتمع السعودي ))
الرياض : محمد شلاّل الحناحنة
أقامت ندوة " الوفاء " الثقافية في الرياض محاضرة بعنوان : (( مشكلة العنف في المجتمع السعودي ))ألقاها الدكتور / عبدالله بن سعد الجاسرالأستاذ بجامعة الملك سعود ، وذلك في مساء الأربعاء 16/5/1432هـ ، وقد أدار اللقاء الدكتور يحيى أبو الخير ، وحضرها كوكبة من المفكرين والتربويين والمثقفين ، وجمهور من رواد الندوة . 
أنماط العنف 
بداية شكر المحاضر الدكتور عبدالله بن سعد الجاسر– بعد حمد الله والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم – عميد الندوة الشيخ أحمد باجنيد على دعوته له ، كما أثنى على المهندس محمد باجنيد على حرصه واهتمامه بهذا الموضوع ثم قال : مشكلة العنف في المجتمع السعودي مشكلة ذات صوت منخفض لكن آثارها كبيرة وخطيرة جداً ، أما تعريف العنف : فهو كل سلوك يتضمن إيذاءً أو حرماناً أو إهمالاً يمارسه فرد أو أفراد تجاه فرد آخر أو أفراد أخرين بهدف إجبارهم على القيام بفعل أو أفعال تبني موقفاً يتناقض مع رغباتهم بأسلوب يتجاوز التأديب أو التأدب المقنن شرعاً ، ويعاقب عليه القانون .

ثم استعرض المحاضر أنماط العنف ، فأجملها بما يأتي : 
1- العنف الجسدي : ومنه الضرب باليد أو أداة حادة ، الرفس ، الجلد ، الخنق ، المسك بعنف ، اللطم ، شد الشعر ، العضّ ، الوخز ، الدهس ، الكيّ ، الحرق ، سكب مادة سائلة حارقة ، إطلاق أعيرة نارية ، حجز الضحية أو حبسها . وهو كل سلوك يفضي إلى إيذاء الضحية ويؤدي إلى إصابة واضحة أو غير واضحة . 
2-  العنف اللفظي : ومنه السبّ ، والشتم ، اللعن ، التوبيخ الشديد ، السخرية ، التنابز بالألقاب ، إطلاق النعوت المؤذية . 
3-  العنف الجنسي مثل : التحرش الجنسي قولاً أو فعلاً ، التفوه بالعبارات الجنسية ، اغتصاب الإناث أو الذكور ، إجبار الضحايا على السلوك الجنسي كممارسة البغاء ، وإكراه الزوجة على ممارسة الجنس ، التعريّ ، والتصوير الفاضح ، ابتزاز الضحية لدفعها لممارسة سلوك جنسي . 
4- العنف الاجتماعي مثل : حجب حقوق الضحية ، كمنع الفتاة من الزواج ، الطلاق القسري ، وعضل الفتاة من قبل وليها ، تعليق الزوجة دون تسريح أو إمساك . 
5-  العنف النفسي مثل : ترويع الضحية ، ممارسة الضغوط النفسية ، هجر الزوج لزوجته دون مبرر شرعي ، الحرمان من الحرية ، المنع من الخروج ، عدم الحديث مع الضحية أو منعها من الحديث ، إقامة علاقات محرمة خارج إطار الزوجية والتحدث بذلك أمام الزوجة ، منع الأولاد من زيارة أمهم أو أقاربهم من أعمام أو عمات أو أخوال أو خالات . 
6- العنف الصحي : ومنه إرهاق الزوجة بالحمل والإنجاب مع عدم قدرتها ، عدم تقديم الرعاية الصحية للضحية أو منعها من الحصول عليها ، دفع الضحية للأكل أو الشرب لأشياء فاسدة ، إجبار الضحية على الإقامة أو النوم في أماكن غير صحية ، أو دفعها للتسول ، والكسب من ورائها ، إجبار الضحية على العمل في ظروف غير صحية أو غير مناسبة . 
7- العنف الاقتصادي مثل : الحصول على مخصصات الزوجة أو البنت أو الأخت أو القريبة دون رضاها ، أكل أموال اليتامى والمساكين والفقراء وكبار السن ، أو صغار السن ، حجز الموارد المالية للضحية أو التصرف بأموالها ، والاستيلاء على ميراثها ، منع النفقة عن المطلقة ، عدم الانفاق على الأسرة ، أو الزوجة ، أو الأم ، أو الأب وهم بحاجة لذلك ، الاستيلاء على رواتب الزوجات أو القريبات ، منع الضحايا من العمل الشرعي دون عذر أو مبرر . 
مؤشرات على حجم المشكلة 
واستعرض المحاضر الدكتور عبدالله بن سعد الجاسربعض الإحصاءات الدالة على الجرائم والعنف في المجتمعات العربية وغير العربية ، فقال : إن 80% من جرائم العنف في الأردن لم يبلغ عنها ، 52% في تونس ، وفي فرنسا 51% ، وفي فلسطين 52% ، وفي مصر 33% ، ومن سنة 1420/1424هـ  بلّغ عن 1563 حادثة عنف في المملكة العربية السعودية ، وفي عام 1424هـ  بلغت وزارة الشؤون الاجتماعية السعودية عن ( 410 ) حالات من العنف ، ومن البيانات التفصيلية في أنماط العنف في السعودية ما يأتي : 
1-  العنف الجسدي : 
أ) الضرب باليد بلغت النسبة 74 % .
ب) الجلد بالعقال بلغت النسبة 48% . 
ج) الشد بالشعر بلغت النسبة 52% . 
2-  أما أشكال العنف اللفظي فكانت النسب بما يأتي : 
أ) السب أو الشتم بلغت النسبة 70%  . 
ب) التوبيخ الشديد بلغت النسبة 83% . 
ج) الاستهزاء بلغت النسبة 73% . 
د) السب أمام الناس بلغت النسبة 50% . 
هـ) تهديد الزوجة بالطلاق بلغت النسبة 57% . 
3- أما العنف الجنسي فكانت بما يأتي : 
أ) تحرش جنسي بلغت نسبته 24% . 
ب) الاغتصاب بلغت نسبته 27% . 
ج) إكراه الزوجة على الجنس بلغت نسبته 30% . 
د) الابتزاز الجنسي بلغت نسبته38% . 
4- وتأتي نسب العنف الاجتماعي كما يأتي : 
أ) عقد زواج بالإكراه ودون مبررات كافية 48% . 
ب) إعاقة القريبات عن العمل بلغت 48% . 
ج) تعليق الزوجة دون طلاق أو إمساك 51% . 
د) منع الزوجة من رؤية أبنائها 57% . 
5- ويأتي العنف النفسي كما يأتي : 
أ) ترويع أفراد الأسرة بلغت 43% . 
ب) هجر الزوجة بلغت 52% . 
ج) حرمان الزوجة من رؤية أبنائها بلغت 57% . 
د) احتقار الزوج لأهل زوجته بلغت 39% .
ثم استعرض المحاضر ترتيب أشكال العنف حسب المناطق على امتداد المملكة ، ثم بيّن أن نسبة الأشخاص الذين يمارسون العنف هو كما يلي : 
1) الأزواج ضد الزوجات 70% . 
2) الآباء ضد الأبناء 42% . 
3) الحموات ضد زوجات الأبناء 51% . 
عوامل العنف في المجتمع السعودي 
رتّب المحاضر الدكتور عبدالله بن سعد الجاسر عوامل العنف في المجتمع السعودي كما يأتي : 
1-  ضعف الوازع الديني . 
2- الاضطرابات النفسية المتنوعة . 
3- العوامل الاقتصادية . 
4-  العوامل الاجتماعية . 
كما أشار إلى النظريات المفسرة للعنف بشكل عام وهي نظريات بنائية وظيفية ونفسية واجتماعية . 
نوافذ الحوار 
وفي ختام اللقاء أثارت المحاضرة الكثير من المداخلات والحوارات أجاب عنها الدكتور عبدالله الجاسر ، ومنها مداخلة الأستاذ منصور العمرو الذي تحدث عن عنف الإكراه على الحمل إذ أن الزوجات يمنعهن الحياء من الشكوى ، كما أشار إلى وجود العنف ضد الآباء والأمهات ، وهذا عقوق عظيم ، وقال كذلك : إن العنف يخضع لمؤثرات خارجية في كثير من الأحيان . 
وقال الأستاذ أحمد مشهور : هناك عنف بالصعق الكهربائي انتشر حديثاً ، كما قال : يزداد العنف في جدة من الأفارقة ، وتوقع أن عنف الحموات ضد زوجات الأبناء قد يصل إلى 80% . 
أما الشيخ محمد بافضل فقد شكر عميد الندوة على دوره العظيم ، وتحدث عن الخطورة الكبيرة لهذا الموضوع وبيّن أن سبب العنف هو سوء الأخلاق ، وعدم الصبر ، وكظم الغيظ ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول : (( إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه )) كما حث على الظفر بذات الدين ، لذا علينا أن نربي أبناءنا على الأخلاق إذ يقول عليه الصلاة والسلام : (( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق )) وأوصى أولياء الأمور بمتابعة الأبناء والبنات في حياتهم الزوجية حتى لا يتسع الخرق ، كما أشار إلى سبب كبير في إثارة العنف بين الزوج والزوجة وهو تلبية الرغبات الجنسية ، لأن الرجل إذا دعا امرأته إلى فراشه فأبت ، باتت تلعنها الملائكة حتى تصبح كما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم . 
ثم أوصى الجميع بالتمسك بالدين ، والأخلاق ، وحسن المعاملة ، ودعا للجميع بكلمات وعبارات وجدت صدى طيباً لدى جمهور الندوة . 
ورأى الأستاذ عبدالله المرشد أن الهدف من العنف قد يكون السيطرة والسيادة والسلطة ، كما أن هناك عنفاً في العمل ، وبعض العنف لا يصل إلى الجهات الرسمية ، كما نرى تغييراً للأدوار بين المرأة والرجل ، وقد نجد تسلطاً من المرأة على بعض الرجال مما يسبب العنف ... والسؤال : هل الضرب بالعقال هو رمز للعنف الذكوري لدينا ؟ ... وماذا لو رفعت المرأة الجزمة مقابل ذلك ؟! 
وتساءل المهندس محمد باجنيد : أليس من أسباب العنف الواضحة ضعف الوازع الديني وعدم فهم الدين بشكل عام ؟! 
وكذلك نجد ضعف القدوة الصالحة مما يجعل الأبناء قد تربوا على عدم الاحترام والتقدير ، كما أن للإعلام دوراً في نشر العنف ، كذلك عندما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم عن ضرب الأزواج لزوجاتهم قال : (( أولئك ليسوا بخياركم )) 
وذكر الأستاذ أحمد عبدالرحمن أن المحاضر قد شخص الحالة ، لكننا بحاجة إلى ذكر الأسباب والحلول ، ووضع البرامج الدينية لمعالجة العنف من خلال المساجد وغيرها من المؤسسات التي تعنى بذلك ، وكذلك تشكيل جهات رقابية . 
وسأل الأستاذ عبدالعزيز العمر : هل ازداد العنف الأسري مع زيادة القنوات الفضائية الفاضحة ؟! . 
وسأل كذلك الدكتور محمود عمار : هل كل ما يقال نظرياً هو صالح للتطبيق ؟! وماذا يعمل الأب إذا استنفد جميع وسائل التربية في توجيه أبنائه ؟! إنني أرى أنه ينبغي ممارسة قدر من الشدة والتعنيف أحياناً .... والله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن ... ترى ألا يجوز الضرب غير المبرح كما ورد في القرآن الكريم ... ؟! 
لقد حللت في كتابي ( تعليم بلا عقاب ) مسألة العقاب تحليلاً رأيت فيه جواز الضرب غير المبرح .... ولعلنا ننظر اليوم بعين فاحصة إلى ازدياد نسبة عنف الزوجات ضد أزواجهن . 
ورأى الدكتور يحيى أبو الخير ضرورة العناية بالدراسات الواقعية من خلال تسجيل الوقائع في المجتمع السعودي ، وعلينا العودة إلى سجلات حقيقية ثم نحللها ، وهناك وسائل تحليلية لهذا العنف ... كما ينبغي ملاحظة معدل التغير في قياس هذه الظاهرة ، وليس قياسها من خلال التحليل الوصفي فقط ، إنما يكون التحليل يعتمد على الدراسات التقديرية والمتمايزة . 
وأخيراً ختمت الحوارات بكلمة ترحيبية لفضيلة الشيخ أحمد باجنيد الذي شكر المحاضر ورحب به ، وبجميع رواد الندوة . 
دوحة الشعر 
وأصغينا إلى الشاعر المبدع فيصل الحجي في قصيدته : ( حوار لا شجار ) التي وجدت تفاعلاً متميزاً من الحضور في إيقاعها ومعانيها المشرقة .

التصنيفات